mazen777
عدد المساهمات : 33 تاريخ التسجيل : 20/09/2009
| موضوع: يُمكنك أن تجعل حياتك سعيدة الخميس أكتوبر 08, 2009 11:29 pm | |
| منذ عدة سنوات تقدّم ولد أصم أبكم إلى امتحان في أحد المعاهد التابعة لإحدى الكنائس في لندن، فسُئِلَ: "كيف أتى هذا الكون إلى الوجود؟" فكتب في الحال: «فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ» (تكوين1: 1).
ثم سُئِلَ مرة أخرى، وبطريقة مشابهة للأولى: "لماذا أتى الرب يسوع المسيح إلى العالم؟" فملأت الابتسامة مُحيّاه، وبسرور واغتباط كتب: «صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ وَمُسْتَحِقَّةٌ كُلَّ قُبُولٍ: أَنَّ الْمَسِيحَ يَسُوعَ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ لِيُخَلِّصَ الْخُطَاةَ الَّذِينَ أَوَّلُهُمْ أَنَا» (1تيموثاوس1: 15).
ثم وضعوا أمامه السؤال الثالث: "لماذا وُلدت أصم أبكم بينما كان الله يُمكنه، وبسهولة، أن يجعلك سامعًا ومتكلمًا؟!" وكان المقصود من هذا السؤال هو إثارة وتحريك مشاعره الدفينة في داخله وإظهارها.
وقال شاهد عيان عنه: "لا يُمكنني أن أنسى السلام والهدوء اللذين ارتسما على وجهه عندما أمسك بالطباشير ليكتب إجابته التي كانت: «نَعَمْ أَيُّهَا الآبُ، لأَنْ هَكَذَا صَارَتِ الْمَسَرَّةُ أَمَامَكَ» (متى11: 26).
لقد كان يحمل نير المسيح، الذي يعني الخضوع والتسليم الكامل، في كل ظروف الحياة المختلفة، لإرادة الله ومشيئته. وفي الكتاب المقدس يُشير النير دائمًا للخضوع لإرادة شخص آخر (متى11: 28-30). ولقد كان الرب يسوع المسيح هو المثال الكامل في هذا، من بداية مسيرته الرائعة في هذا العالم إلى نهايتها. لقد سلّم تمامًا لمشيئة الآب، آخذًا كل شيء من بين يديه. ولنسمعه عند دخوله طفلاً في العالم الذي كوَّنته يداه، يقول: «هَنَذَا أَجِيءُ لأَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا أَللهُ» (عبرانيين10: 9). وخلال عبوره هذا العالم كان له أن يقول: «لأَنِّي قَدْ نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ، لَيْسَ لأَعْمَلَ مَشِيئَتِي، بَلْ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي» (يوحنا6: 38)، وأيضًا «لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ» (يوحنا8: 29). كذا وهو خارج من العالم، وهو في بستان جثسيماني، وأمامه الصليب، وهو يواجه هول تلك الكأس؛ كأس الموت تحت ثقل خطايانا ليفتدينا، لنسمعه يقول، والعرق يتصبب من جبينه كقطرات دمٍ نازلة على الأرض: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ» (لوقا22: 42).
وتأملوا ذلك الفريد المجيد، في متى11: 16-30 مُجرَّبًا، مرفوضًا، مُهانًا من ذلك الجيل المتقلِّب الذي لم يؤمن به بعد كل أعمال محبته ومعجزات قوته. لا ريب أن ذلك الظرف كان كافيًا لأن يُحزن أي واحد، إذ تضيع كل أتعابه باطلاً، بحسب الظاهر. ولكن كيف تصرَّف الرب إزاء كل هذا؟ «فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ: أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ... لأَنْ هَكَذَا صَارَتِ الْمَسَرَّةُ أَمَامَكَ» (متى11: 25، 26). وإذا رجعنا إلى لوقا10: 21 حيث تُسرد نفس الحادثة، نجد أيضًا أنه «فِي تِلْكَ السَّاعَةِ تَهَلَّلَ يَسُوعُ بِالرُّوحِ».
ولنلاحظ القول: «أَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ: أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ»؛ علامَ أجاب؟ إنه كان يرى هنا، كما في كل الظروف المؤلمة، يد أبيه، وكأنه يسمع صوته يقول: "هذه مني"، فيُجيب قائلاً: «أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ... لأَنْ هَكَذَا صَارَتِ الْمَسَرَّةُ أَمَامَكَ». فالآب رب السماء والأرض، الذي له السلطان على كل شيء، هو الذي أمر بهذه الظروف المؤلمة، ولذلك قَبِلها الرب يسوع بالشكر.
أيها الأحباء ... إن ظروفنا البسيطة، مهما كانت مؤلمة في بعض الأوقات، هي لا شيء إذا ما قُورنت بما كان على الرب يسوع أن يواجهه. ولكن كيفما كانت ظروفنا، فنحن مدعوون لأن نحمل نير الرب بخضوع كامل لما يسمح به. ولنا أن نتعلَّم منه أن نخضع لمشيئة الآب، ونرى يده ترتب كل أمورنا، المُرَّة والحلوة على السواء، ونحن نعلم يقينًا أن جميع الأشياء تعمل معًا لخيرنا (رو8: 28).؛ وهكذا نجد راحة لأنفسنا، ونحن في طريقنا للوجود مع المسيح حيث هو الآن.
عزيزي ... إن الإرادة المُخضَعة لله هي باب السعادة الداخلية الحقيقية، وهي السبيل الوحيد للوصول إلى راحة النفس. وبقدر ما نُخضِع إرادتنا لله، ونجيب قائلين: "نحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ لأَنْ هَكَذَا صَارَتِ الْمَسَرَّةُ أَمَامَكَ"، بقدر ما نجد سلام المسيح وفرحه يملآن نفوسنا.
اخضع إرادتك لله أبيك، فتشعر براحة كبيرة مِنْ ثقل كل ظرف مؤلم، وتحسّ بقوة متجددة في نفسك، وتفرح في الروح في كل مرة تُجيب الله فيها قائلاً: «أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ ... لأَنْ هَكَذَا صَارَتِ الْمَسَرَّةُ أَمَامَكَ». ويا لها من راحة تلك التي نشعر بها عندما نعلم أنه مهما كانت صعوبة الظرف فإن المشيئة الإلهية التي رتبته لم تُخطيء.
لتجرب هذا، وسترى كم من التغيير العجيب سيحدث لك. قد لا تتغير الظروف المؤلمة نفسها، ولكن سيكون لها لون جديد. سترى قوس قزح في السحاب، وستكون لك الأغاني في الليالي، ثم قد يحدث تغيير في الظروف ذاتها لأنه ربما يكون الآب قد رتبها لهذا الغرض عينه ليعلِّمنا أن نتخلى عن إرادتنا وأن نقول: «لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ»، ومتى وصل الله إلى هذه الغاية فينا فإنه سيغير الظروف بالتبعية.
والأمـــر للإله فارضي بما يرضاه
كي تُمنـحي سلواه تواضـعي نفسي
كُفِّي عن الشكوى مهما تكُ البـلوى
في شخصه السلوى تواضـعي نفسي
فايز فؤاد | |
|