خيبة الأمل مع الله

عدد المساهمات : 33 تاريخ التسجيل : 20/09/2009

عندما قررت أن أبحث في معاناة أيوب وإحباطه مع الله أردت أن أجد أحد الأشخاص في حياتي ممن يعانون مثل أيوب. ثم وجدت أحد الأشخاص ويدعي دوجلاس. هذا الرجل هو بحق رجل بار كما كان أيوب بارا. كان يعمل كمعالج نفسي، ولكنه أغلق عيادته المربحة وبدء يعمل في داخل أحد الأحياء الفقيرة مع الفقراء. ولكن بعد ما فعل هذا بدأت حياته في الإنهيار. حيث أصيبت زوجته بسرطان الصدر وبدأت تعالج كيميائيا وكان لهذا تأثيره الضار علي كل صحتها، فقد كانت تعاني كثيرا، وللأسف بدء السرطان يظهر في الرئة أيضا. وكان دوجلاس يحاول أن يتكيف مع الوضع الجديد.ولكن وهم في قلب هذه المعاناة الأسرية تعرضوا لحادث سيارة خطير. حيث كانوا يقودون سيارتهم ولم يرتكبوا أي خطأ، ولكن فجأة أعترض طريقهم سائق مخمور واصطدم بهم بقوة. مما تسبب في اصطدام الزجاج بوجه ابنته البالغة من العمر اثني عشر سنة وأدي ذلك إلي جرح خطير، كما أصيبت زوجته أيضا. ولكن الأسوأ حدث لدوجلاس نفسه حيث أصطدمت رأسه بقوة مما نتج عنه مشاكل في الرؤيا و فقد واحدة من عينيه. وأسوأ ما حدث له أنه لم يعد يستطيع القراءة التي كانت أحب شيء إلي قلبه. أنا أعرف دوجلاس شخصيا، وأعرف قصته جيدا.

عندما قررت أن أكتب عن سفر أيوب قررت أن أتقابل مع دوجلاس حيث أتصلت به وحددت معه موعدا. تقابلنا علي الفطار، وهناك قص علي جزء من قصته. ثم جلسنا وتبادلنا الحديث لفترة. وبعد الفطار قلت له "حسنا يا دوجلاس، إني أكتب كتاب عن خيبة الأمل مع الله. وكنت أفكر في كل من أعرفهم والذين له الحق ليكونوا محبطين في علاقتهم مع الله، ولقد كنت أنت علي رأس هذه القائمة. لذلك أخبرني من فضلك ما الذي تستطيع قوله لهؤلاء المحبطين وخائبي الرجاء في الله؟. فكر دوجلاس للحظات وهو يداعب لحيته وأخيرا ألتفت لي وقال "أتعلم يا فيليب، أنا لا أظن أني كنت أبدا محبط في علاقتي مع الله." كان هذا بمثابة صدمة قوية جدا لي جعلتني مذهول. لقد فكرت مليا في كل الناس الذين أعرفهم، ثم أخترت دوجلاس لأنه كما كنت أظن هو أكثر الناس الذين يفترض أنهم محبطين، وغاضبين من الله بسبب ما تعرض له من معاناة وشر في هذه الحياة.

سألته: " كيف يكون هذا؟"

قال لي: "حسنا يا فيليب، لقد تعلمت من فترة طويلة وخصوصا في تلك الأوقات التي كنت أعاني فيها ألا أخلط ما بين الله والحياة. هل الحياة ظالمة؟ أنت تعلم أن حياتي غير عادلة، فما حدث لزوجتي، وما حدث لإبنتي، وما حدث لي، غير عادل. ولكن أظن أن الله يشعر تماما بما أشعر به. أظن أنه كان حزين ومتألم مما فعله هذا السائق المخمور مثلي تماما. لا تخلط بين الله والحياة. ثم قال "كلما أقرأ الكتاب المقدس وخاصة العهد القديم أستطيع أن أري هؤلاء الناس الذين كانوا قادرين علي التمييز بين ما يحدث في واقعهم المادي وبين علاقتهم الروحية مع الله".
ثم بدأنا نفكر في هؤلاء الأشخاص في الكتاب المقدس. ففي سفر حزقيال نجد الله يتكلم عن ثلاث رجال مفضلين لديه هم: دانيال، نوح وأيوب. فكر في هؤلاء الأشخاص. واحد منهم قضي الليل في جب الأسود، والآخر كان في قلب فيضان قضي علي الآلاف من البشر، وبالطبع هناك أيوب أعظم مثال علي المعاناة والظلم في الكتاب المقدس. ولكن عندما ينظر الله إلي هؤلاء الأشخاص يقول عنهم أنهم الأشخاص المفضلين لديه.

كل هؤلاء الأشخاص وغيرهم أمثال إبراهيم وداود، الذي كتب معظم المزامير، تعلموا أن علاقتهم مع الله غير متوقفة صحتهم السليمة أو ظروفهم المريحة.

Abrm Heschel قال عن سفر أيوب "لقد حصل أيوب علي الإيمان الغير متزعزع لأنه أحتفظ به بعيدا عن حياته المتزعزعة" هذا هو الإيمان الذي كان لدي هؤلاء الأشخاص. ثم واصلنا التفكير في الكثير من القصص الكتابية ولكن فجأة نظر إلي دوجلاس وقال "يجب أن أذهب الآن ولكن قبل أن أذهب سوف أخبرك بأمر ما، عندما تقع في تجربة الخلط بين الله والحياة اذهب وأقرأ قصة يسوع، قصة الله علي الأرض، ثم أسأل نفسك كيف يمكن ليسوع أن يجاوب علي هذا السؤال "هل الحياة ظالمة؟" وقبل أن يغادر قال دوجلاس "بالنسبة لي، فإن صليب المسيح يدحض طوال الوقت الفكرة التي تقول أن الحياة يجب أن تكون عادلة".

نقلاً عن كتاب (عندما لاتمطر السماء) - فيليب يانسي